كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{والأرض} أي: المحيطة بهم التي هم عليها {مددناها} أي: بسطناها بما لنا من العظمة {وألقينا} أي: بعظمتنا {فيها رواسي} أي جبالًا ثوابت كانت سببًا لثباتها وخالفت عادة المراسي في أنها من فوق والمراسي التي تعالجونها أنتم من تحت {وأنبتنا} أي بما لنا من العظمة {فيها} أي الأرض وعظم قدرته بالتبعيض فقال تعالى: {من كل زوج} أي صنف من النبات تزاوجت أشكاله {بهيجٍ} أي هي في غاية الرونق والإعجاب فكان مع كونه رزقًا منتزهًا.
{تبصرةً} أي: جعلنا هذه الأشياء كلها لأجل أن تنظروا بأبصاركم وتتفكروا ببصائركم فتعبروا منها إلى صانعها فتعلموا ما له من العظمة {وذكرى} أي: ولتذكروا بها تذكرًا عظيمًا بما لكم من القوى والقدر فتعلموا بعجزكم عن كل شيء من ذلك أنّ صانعها لا يعجزه شيء وأنه محيط بجميع صفات الكمال وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: بالإمالة محضة. وقرأ ورش: بالإمالة بين بين والباقون بالفتح.
تنبيه:
قال الرازي: يحتمل أن يكون الأمران عائدين إلى السماء والأرض أي خلق السماء تبصرة وخلق الأرض ذكرى ويدل على ذلك أنّ السماء وزينتها غير مستجدّة في كل عام فهي كالشيء المرئي على ممر الزمان. وأمّا الأرض فهي كل سنة تأخذ زينتها وزخرفها فتذكر فالسماء تبصرة والأرض تذكرة ويحتمل أن يكون كل واحد من الأمرين موجودًا في كل واحد من الأمرين فالسماء تبصرة وتذكرة والأرض كذلك.
والفرق بين التذكرة والتبصرة هو أنّ فيهما آيات مستمرة منصوبة في مقابلة البصائر وآيات متجدّدة مذكرة عند التناسي {لكل عبدٍ} أي: لتبصر وتذكر كل عبد بماله من النقص وبمادل عليه هذا الصنع من الكمال أنه عبد مربوب لصانعه {منيبٍ} أي: رجاع عما خطه إليه طبعه إلى ما يغلبه عليه عقله فيرجع من شهود هذه الأفعال إلى شهود الصفات إلى علم الذات.
ثم ذكر تعالى دليلًا بقوله تعالى: {ونزلنا من السماء} أي: المحل العالي الذي لا يمسك فيه الماء عن دوام التقاطر إلا بقاهر {ماء} أي شيئًا فشيئًا في أوقات وعلى سبيل التقاطر ولولا عظمتنا التي لا تضاهي لغلب بما له من الثقل والميوع والنفوذ فنزل دفعة واحدة فأهلك ما نزل عليه فنزل دفعة واحدة فأهلك ما نزل عليه فزالت المسرّة وعادت المنفعة مضرّة {مباركًا} أي: نافعًا جدًّا كثير لبركة وفيه حياة كل شيء، وهو المطر فيكون الاستدلال بالسماء والأرض وما بينهما وهو إنزال الماء من فوق وإخراج النبات من تحت {فأنبتنا} أي: بما لنا من القدرة الباهرة {به جناتٍ} من الشجر والثمر والزرع والريحان وغيره مما تجمعه البساتين فتجن أي تستر الداخل فيها {وحب الحصيد} أي: النجم الذي من شأنه أنه يحصد كالبر والشعير ونحوهما وقوله تعالى: {والنخل} منصوب عطفًا على مفعول أنبتنا أي وأنبتنا النخل وقوله تعالى: {باسقات} أي: طوالًا حال مقدّرة لأنها وقت الإثبات لم تكن طوالًا والبسوق الطول يقال بسق فلان على أصحابه أي طال عليهم في الفضل ومنه قول أبي نوفل في ابن هبيرة:
يا ابن الذين بمجدهم ** بسقتهم قيس فزاره

وهو استعارة والأصل استعماله في بسقت النخلة تبسق بسوقًا أي طالت قال الشاعر:
لنا خمر وليست خمر كرم ** ولكن من نتاج الباسقات

كرام في السماء ذهبن طولا ** وفات ثمارها أيدي الجناة

وبسقت الشاة ولدت، وأبسقت الناقة وقع في ضرعها اللبن قبل النتاج. وقال سعيد بن جبير: باسقات: مستويات وأفردها بالذكر لفرط ارتفاعها {لها طلع} يجوز أن تكون الجملة حالًا من النخل أو من الضمير في باسقات ويجوز أن يكون الحال وحده لها وطلع فاعل به وقوله تعالى: {نضيد} بمعنى منضود بعضها فوق بعض في أكمامها كما في سنبلة الزرع وهو عجيب فإنّ الأشجار الطوال ثمارها بارزة بعضها على بعض لكل واحدة منها أصل يخرج منه كالجوز واللوز والطلع كالسنبلة الواحدة تكون على أصل واحد وقوله تعالى: {رزقا} يجوز أن يكون حالًا أي مرزوقًا {للعباد} ويجوز أن يكون مفعولًا له وللعباد إمّا صفة وإمّا متعلق بالمصدر، فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى عند ذكر خلق السماء والأرض تبصرة وذكرى وفي الثمار قال رزقًا والثمار أيضًا فيها تبصرة وفي السماء والأرض أيضًا منفعة غير التبصرة والتذكرة.
أجيب: بأنّ الاستدلال وقع لوجود أمرين:
أحدهما: الإعادة. والثاني: البقاء بعد الإعادة فإنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يخبرهم بحشر وجمع يكون بعده الثواب الدائم والعقاب الدائم وأنكروا ذلك فقال: أما الأوّل فالله القادر على خلق السموات والأرض قادر على خلق الخلق بعد الفناء وأما الثاني فلأنّ البقاء في الدنيا بالرزق والقادر على إخراج الأرزاق من النخل والشجر قادر على أن يرزق بعد الحشر فكان الأولّ تبصرة وتذكرة بالخلق. والثاني: تذكرة بالبقاء والرزق ويدل على هذا الفصل بينهما بقوله تعالى: {تبصرة وذكرى} حيث ذكر ذلك بين الآيتين ثم بدأ بذكر الماء وإنزاله وإثبات النبات.
تنبيه:
لم يقيد هنا العباد بالإنابة وقيده في قوله تعالى: {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب} لأنّ التذكرة لا تكون إلا للمنيب والرزق يعمّ كل أحد غير أنّ المنيب يأكل ذاكرًا أو شاكرًا للأنعام، وغيره يأكل كما تأكل الأنعام فلم يخصص بقيد ولما كان في ذلك أعظم مذكر للبصراء بالبعث وبجميع صفات الكمال أتبعه ماله من التذكير بالبعث بخصوصية فقال تعالى: {وأحيينا به} أي: الماء بعظمتنا {بلدةً} بالتأنيث إشارة إلى أنها في غاية الضعف والحاجة إلى النبات والخلوّ عنه وذكر {ميتًا} للزيادة في تقرير تمكن الحاجة فيها أو حملًا على معنى المكان فإن قيل: ما الفرق بين هذا الموضع وبين قوله تعالى: {وآية لهم الأرض الميتة} (يس:).
حيث أثبت الهاء هناك أجيب: بأنّ الأصل في الأرض الوصف فقال الميتة: لأنّ معنى الفاعلية ظاهر هناك والبلدة الأصل فيها الحياة لأنّ الأرض إذا صارت حية صارت آهلة وأقام بها القوم وعمروها فصارت بلدة فأسقط التاء لأنّ معنى الفاعلية غير ظاهر فتثبت فيه الهاء وإذا كان معنى الفاعل لم يظهر لا تثبت فيه الهاء.
ويحقق هذا القول قوله تعالى: {بلدة طيبةً} (سبأ:).
حيث أثبت الهاء حيث ظهر معنى الفاعل ولم يثبت حيث لم يظهر {كذلك} أي: مثل الإخراج العظيم {الخروج} من قبورهم على ما كانوا عليه في الدنيا إذ لا فرق بين خروج النبات بعد ما تهشم وتفتت في الأرض وصار ترابًا كما كان من بين أصفره وأبيضه وأحمره وأزرقه إلى غير ذلك وبين إخراج ما تفتت من الموتى كما كانوا في الدنيا.
تنبيه:
قال أبو حيان: ذكر تعالى في السماء ثلاثة البناء والتزيين ونفي الفروج وفي الأرض ثلاثة المدّ وإلقاء الرواسي والإنبات فقابل المدّ بالبناء لأنّ المدّ وضع والبناء رفع وإلقاء الرواسي بالتزيين بالكواكب لارتكاب كل واحد منها أي على سطح ما هو فيه والإنبات المترتب على الشق بانتفاء الفروج فلا شق فيها ونبه فيما تعلق به الإنبات على ما يقطف كل سنة ويبقى أصله وما يزرع كل سنة أو سنتين ويقطف كل سنة وعلى ما اختلط من جنسين فبعض الثمار فاكهة لا قوت وأكثر الزرع قوت والثمر فاكهة وقوت وقوله تعالى: {كذبت قبلهم} الآية فيه تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتنبيه بأنّ حاله كحال من تقدّمه من الرسل كذبوا وصبروا فأهلك الله تعالى مكذبيهم ونصرهم. ولما لم يكن لهؤلاء المكذبين شهرة يعرفون بها قال تعالى: {قوم نوح} الذين كان آخر أمرهم أنه التقى عليهم الماءان نزل عليهم ماء السماء وطلع عليهم ماء الأرض فأغرقهم ووسم الفعل بالتاء إشارة إلى هو أنهم في جنب هذا المجد وأسقط الجار من قوله تعالى: {قبلهم} إشارة إلى أنّ هؤلاء الأحزاب لقوتهم وكثرتهم كأنهم أهل الأرض قد استغرقوا مكانها وزمانها ثم أتبع قوم نوح بمشابهيهم بقوله تعالى: {وأصحاب الرس} أي: البئر كانوا مقيمين عليها بمواشيهم يعبدون الأصنام، ونبيهم قيل: حنظلة بن صفوان وقيل غيره فخسفت تلك البئر مع ما حولها فذهبت بهم وبكل مالهم كما ذكرت قصتهم في الفرقان.
ثم أتبع أصحاب الرس بقوم صالح عليه السلام فقال: {وثمود} لأنّ الرجفة التي أخذتهم مبدأ الخسف ثم أتبع ثمود بقوم هود عليه السلام فقال تعالى: {وعادٌ} لأنّ الريح التي أهلكتهم أثرت بها صيحة ثمود وقال تعالى: {وفرعون} ولم يقل قوم فرعون لأنه ليس في قادة هذه الفرق كافر غيره والنص عليه يفهم عظمته وأنه استخف قومه فأطاعوه {وإخوان لوط} أي: أصهاره الذين صار بينه وبينهم مع المصاهرة المناصرة بملوكهم على من قاواهم بنفسه وعمه خليل الله إبراهيم عليهما السلام ومع ذلك عاملوه بالخيانة والتكذيب.
{وأصحاب الأيكة} أي: الغيضة. وهم قوم شعيب، والغضة الشجرة الملتف بعضه على بعض ولما كان تبع الحميري واسمه سعد وكنيته أبو كرب مع كونه في قومه ملكًا قاهرًا وخالفوه مع ذلك، وكان لقومه نار في بلادهم يتحاكمون إليها فتأكل الظالم ختم بهم فقال تعالى: {وقوم تبع} مع كونه ملكًا وهو يدعوهم إلى الله تعالى فلا يظنّ أنّ التكذيب مخصوص بمن كان قويًا لمن كان مستضعفًا بل هو واقع بمن شئنا من قوي وضعيف لا يخرج شيء عن مرادنا {كلٌ} أي من هذه الفرق {كذب الرسل} أي كلهم بتكذيب رسولهم فإن الكل متساوون فيما يوجب الإيمان من إظهار المعجز والدعاء إلى الله تعالى {فحق} أي: فتسبب عن تكذيبهم لهم أن ثبت عليهم ووجب {وعيد} أي: الذي كانوا يكذبون به عند إنذارهم لهم إياه فجعلنا لهم منه في الدنيا ما حكمنا به عليهم في الأزل فأهلكناهم إهلاكًا عامًّا كإهلاك نفس واحدة على أنحاء مختلفة كما هو مشهور عند من له بأمثاله عناية وأتبعناه ما هو في البرزخ وأخرنا ما هو في القيامة إلى يوم البعث فثبت بإهلاكنا لهم على تنائي ديارهم وتباعد أعصارهم وكثرة أعدادهم أن لنا الإحاطة البالغة فتسلّ بإخوانك المرسلين وتأس بهم وليحذر قومك ما حل بمن كذبهم أن أصرّوا.
{أفعيينا بالخلق} أي: أحصل لنا مع ما لنا من العظمة الإعياء وهو العجز بسبب الخلق في شيء من إيجاده أو إعدامه {الأوّل} أي: من السموات والأرض وما بينهما حين ابتدأناه اختراعًا من العدم ومن خلق الإنسان وسائر الحيوان مجدّدًا في كل أوان في الأطوار المشاهدة على هذه التدريجات المعتادة بعد أن خلقنا أصله على ذلك الوجه مما ليس له أصل في الحياة، ومن إعدامه بعد خلقه جملة كهذه الأمم أو تدريجًا كغيرهم {بل هم في لبسٍ} أي: شك شديد وشبهة موجبة للتكلم بكلام مختلط لا يعقل له معنى بل السكوت عنه أجمل {من} أي: لأجل {خلقٍ جديدٍ} أي: بالإعادة ولما ذكر الخافقين أتبعه خلق ما هو جامع لجميع ما هو فيهما. فقال تعالى: {ولقد} أي: والحال أنا قد {خلقنا} أي: بما لنا من العظمة {الإنسان} وهو أعجب خلقًا وأجمع من جميع ما مضى ذكره بما فيه من الأنس والطغيان والذكر والنسيان والجهل والعرفان والطاعة والعصيان وغير ذلك من عجيب الشان. ووكلنا به من جنودنا من يحفظ فيضبط حركاته وسكناته وجميع أحواله {ونعلم} والحال أنا نعلم بما لنا من الإحاطة {ماتوسوس} أي: تكلم على وجه الخفاء {به} أي: الآن وفيما بعد ذلك {نفسه} مما لم نقدح بعد من خزائن الغيب إلى سرّ النفس كما علمنا ما تكلم نفسه وهي الخواطر التي تعرض له حتى أنه هو ربما عجز عن ضبطها فنحن نعلم أن قلوبهم عالمة بقدرتنا على أكمل ما نريد وبصحة القرآن وإعجازه وصدق الرسول به صلى الله عليه وسلم وامتيازه وإنما حملهم الحسد والنفاسة والكبر والرياسة على الإنكار باللسان، حتى صار لهم ذلك خلقًا وتمادوا فيه، حتى غطى على عقولهم فصاروا في لبس محيط بهم من جميع الجوانب ونحن أي بما لنا من العظمة {أقرب إليه} أي: قرب علم وشهود من غير مسافة {من حبل الوريد} لأنّ أبعاضه وأجزاءه يحجب بعضها بعضًا ولا يحجب علم الله تعالى شيء والوريدان عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدّمها متصلان من الرأس إلى الوتين وهو عرق متصل بالقلب إذا قطع مات صاحبه. وهذا مثل في فرط القرب وإضافته مثل مسجد الجامع أي حبل العرق الوريد أو لأن الحبل أعمّ فأضيف للبيان نحو بئر ساقية أو يراد حبل العاتق وأضيف إلى الوريد كما يضاف إلى العاتق لأنهما ما في عضو واحد. وقال البغوي: حبل الوريد: عرق الفرق وهو عرق بين الحلقوم والعلباوين يتفرّق في البدن والحبل هو الوريد فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين. قال القشيري: وفي هذه الآية هيبة وفزع وخوف لقوم وروح وأنس وسكون قلب لقوم. وقوله تعالى: {إذ يتلقى} ظرف لأقرب ويجوز أن يكون منصوبًا باذكر أي واذكر إذ يتلقى أي بغاية الاجتهاد والمراقبة والمراعاة من كل إنسان خلقناه وأبرزناه إلى هذا الوجود {المتلقيان} أي: الملكان الموكلان بعمل الإنسان ومنطقه يحفظانه ويكتبانه حال كونهما {عن اليمين} لكل إنسان {وعن الشمال} أي: أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فالذي عن اليمين يكتب الحسنات والذي عن الشمال يكتب السيئات وقوله تعالى: {قعيد} أي: قاعدان. مبتدأ وخبره ما قبله لأنّ فعيلًا يطلق على الواحد والمتعدّد كقوله تعالى: {بعد ذلك ظهير} (التحريم:).
قال ابن عادل: والأجود أن يدع حذف إما من الأوّل أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد وإما من الثاني فيكون قعيد الملفوظ به للأوّل ومثله قوله:
رماني بأمر كنت منه ووالدي ** بريئًا ومن أجل الطويّ رماني

وقال مجاهد: القعيد المرصد. ونحن أعلم منهما وأقرب وإنما استحفظناهما لإقامة الحجة بهما على مجاري عاداتكم وغير ذلك من الحكم.
{ما يلفظ} أي: يرمي ويخرج المكلف من فيه وعمم في النفي بقوله تعالى: {من قول} جل أو قل {إلا لديه} أي: الإنسان أو القول على هيئة من القدرة والعظمة من أغرب المستغرب {رقيب} من حفظتنا شديد المراعاة في كل من أحواله {عتيد} أي: حاضر مراقب غير غافل بوجه قال الجلال المحلي: وكل منهما بمعنى المثنى أي رقيبان عتيدان. روى أبو أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرًا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر».
تنبيه:
اختلف فيما يكتبان فقال مجاهد: يكتبان عليه حتى أنينه في مرضه. وقال عكرمة: لا يكتبان إلا ما يؤجر أو يوزر فيه.
فائدتان: إحداهما: قال الحسن: إن الملائكة يجتنبون الإنسان عند حالتين عند غائطه وعند جماعه.
الثانية: قال الضحاك: مجلسهما تحت الشعر على الحنك ومثله عن الحسن يعجبه أن ينظف عنفقته.
{وجاءت} أي: أتت وحضرت {سكرة الموت} أي: حالته عند النزع وشدّته وغمرته يصير المريض بها السكران لا يعي وتخرج بها أقواله وأفعاله عن قانون الاعتدال مجيئًا ملتبسًا بالحق أي الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع فلا حيلة في الاحتراس منه. وقيل: للميت بلسان الحال إن لم يكن بلسان المقال: {ذلك} أي: هذا الأمر العظيم العالي الرتبة الذي يحق لكل أحد الاعتداد له بغاية الجهد {ما} أي: الأمر الذي {كنت} أي: جبلةً وطبعًا {منه تحيد} أي: تميل وتنفر وتروغ وتهرب.